الساحة الفنية بباتنة تودع الفنان المسرحي صالح بوبير
ودّعت أمس الأول الساحة الفنية بولاية باتنة الفنان القدير صالح بوبير عن عمر ناهز 63 سنة، الذي وافته المنية بعد معاناة طويلة مع المرض. وسط حسرة كبيرة تركها في نفوس الأسرة الفنية والمسرحية على وجه الخصوص بولاية باتنة والوطن عامة، واعتبر رفقاء دربه رحيله خسارة كبيرة للخشبة، التي أفنى عمره في خدمتها بأعماله الإبداعية التي ستظل لا محالة تحاكي قصة فنان متميز مرّ من هنا. محطات كثيرة كانت للفنان الممثل المسرحي صالح بوبير عبر مشاوره الفني الحافل، ممثلا، مخرجا في المسرح والسينما والاعمال الدرامية التلفزيونية بحسه الفكاهي المرح استطاع أن يأسر قلوب معجبيه ومحبيه بأدوار أبدع في تجسيدها، عبر مساره الفني الذي بدأه باكرا، فمنذ 1975، فضل الفقيد اختيار الخشبة، فوفق في اختياره من خلال أعماله مع الفريق المسرحي لمسرح باتنة وفرق أخرى وأسماء فنية بارزة، وأخذ في العطاء كلما أتيحت له الفرصة للظهور، لتكون آخر محطة له رحيله الأبدي تاركا ألبوما حافلا بالأعمال الإبداعية، التي ستظل تستذكر ما قدمه هذا الرجل الذي رحل في صمت بعد أن ألزمه المرض الفراش. ويعد المرحوم صالح بوبير أحد فرسان المسرح الذي صال على خشباته في أعمال متميزة ساهم في تنشيط الحركة المسرحية على الصعيد المحلي والوطني واستطاع أن يجذب عشاق الفن الرابع إليه فكان ثائرا على خشبة المسرح بعفوية ممزوجة بالكوميديا والفكاهة. ومن أبرز محطاته الفنية مسرحية "عدو الشعب" للمخرج عمر فطموش تسعينيات القرن الماضي، إلى جانب الممثل الراحل عز الدين مجوبي، جابوا من خلالها عديد الدول العربية على غرار تونس، المغرب وسوريا. كما له عديد المشاركات في المهرجان الثقافي الوطني للمسرح الامازيغي الذي تحتضنه ولاية باتنة، وكانت قد أطفأت شمعته الـ 13 منذ أيام قليلة دون صالح بوبير الذي كان حينها بمنزله يعاني المرض، فلازم هذا الحدث الثقافي بحضوره ومشاركاته المختلفة لطبعات التظاهرة على غرار تجربته الأولى في الإخراج للعرض المسرحي "ألغم أبوهالي" ومساعد مخرج في العرض المسرحي "اكنكر" أو "وحيد القرن" من اخراج سمير اوجيت وهو العرض الذي تقمص فيه دور شخصية انجليزية يقوم باقتناء الاثار لتهريبها للخارج، وهي الاعمال التي تضاف الى رصيد الراحل مما تركه من عروض مسرحية سيبقى صداها يعم ارجاء خشبة مسرح باتنة الجهوي، على غرار مسرحية "ليلة غضب"، "قاضي الظل"، "الحطاب"، "بوزنزل"، "الدالية"، "مستنقع الذئاب"، وغيرها من الأعمال المسرحية، ليس هذا فحسب بل امتد ابداعه الى السينما والتلفزيون حيث شارك في العديد من الاعمال الحائزة على كبريات الجوائز ومنها الفيلم السينمائي "أسوار القلعة السبعة" للمخرج احمد راشدي واعمال ناجحة أخرى على غرار السلسلة الفكاهية "جحا"، "بساتين البرتقال"، "عذراء الجبل"، "بلادي وناسي" وغيرها من الاعمال، وحصد عديد الجوائز داخل وخارج الوطن ومنها جائزة العنقود الذهبي، وجائزة لجنة التحكيم عن دوره الرئيسي في مسرحية "الحطاب" في المهرجان الوطني للمسرح الفكاهي، كما تحصل مع فريق مسرحية "مستنقع الذئاب" على الجائزة الأولى وطنيا للمهرجان الوطني للمسرح المحترف والثانية على مستوى العالم العربي في المملكة الأردنية الهاشمية، الى جانب عديد الجوائز الأخرى التي تعكس مدى ابداع هذا الرجل الذي تمكن منه المرض في السنوات الأخيرة ويقرر الرحيل بلا رجعة، مودعا الخشبة وفريقا مسرحيا لطالما جمعته به أعمالا وذكريات، ظل كل من عايشها يسترجعها بحلوها ومرها، وأخذ فنانو المسرح والسينما بباتنة ينعون عبر جداراتهم الفايسبوكية رحيل الفنان صالح بوبير وكلهم حسرة في مغادرة هذا الرجل المبدع، ومنهم الفنان سمير أوجيت الذي كتب يرثي رفيقه وصديقه في رحلة الموت هذه التي أخذته دون رجعة، واعتبر الفنان علي جبارة رحيل صالح بوبير خسارة للخشبة بباتنة وتساقط ورقة من شجرة المسرح التي كان الفقيد واحدا ممن اناروا دربها طيلة سنوات من العطاء، فيما كتب المخرج المسرحي شوقي بوزيد "أنه زمن الرحيل كالطيور المهاجرة.. لكن لا عودة من السفر الأخير، ترجل زميلي صالح بوبير منذ لحظات، قرات الخبر كغريب او كمعجب في سنوات كان الصالح فيها يصدح على الركح، رغم أننا حلمنا في تياتر الهواة لدار الثقافة باتنة، ثم التقينا مرة أخرى في عالم الاحتراف ثم تقطعت بنا السبل منذ 2008 بعد فوضى الأبواب، غريبة هي الدنيا حين نصير غرباء في مدينة باتنة..." وعدد الجيل الشاب من فناني المسرح ما عهدوه في الفقيد من توجيه ونصيحة وشرف المشاركة الى جنب الفنان صالح بوبير، وغيرهم من فناني باتنة الذين لم يجدوا في رحيل هذا الفنان سوى معجم الكلمات للتعبير عن لوعة الفراق وقساوة الرحيل. لمن أفنى عمره في خدمة الخشبة لتبقى اعماله خالدة تحاكي أجيالا تعاقبت وتتعاقب على الركح.
شوشان ح
What's Your Reaction?